للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا بالنسبة لشهادته ممن يقع منه الخطأ، أو النسيان أو الغفلة، أما الأبله والبليد فلا تصح شهادتهم، ولا يعتمد عليها في الإثبات، أما ذو الغفلة فإنه تقبل شهادته في الحالات التي وضحت الجناية بالنسبة له، ولم يلتبس عليه شيء من أمرها١، ومبنى هذا كله أن الشهادة التي يقام بها حد من الحدود لا بد، وأن تكون صادرة عمن له قدرة ضبط عقلية يستطيع بها التمييز، والتدقيق، والفهم الواعي الضابط للأمور، والمفرق بين الحق والباطل.

فإن لم يكن الشاهد كذلك اعترت شهادته الشبهة، وشهادة مثل هذه مردودة، ولا يثبت بها حد.


١ ذكر الخرشي أن المغفل هو الذي له قوة التنبيه ولم يستعمل قوته، والمعنى أن الشاهد يشترط فيه أن يكون غير مغفل، قال ابن عبد الحكم: قد يكون الرجل الخير الفاضل ضعيفًا لا يؤمن عليه لغفلته أن يلبس عليه، فلا تقبل شهادته، إلا أن يكون الأمر المشهود فيه جليا واضحًا بينا لا يلبس على أحد، كقوله: رأيت هذا يقطع يد هذا أو نحو ذلك، فإن شهادة المغفل تقبل في مثل ذلك، وأما البليد فلا تصح شهادته مطلقًا، والفرق بين المغفل والبليد، أن المغفل له ملكة أي قوة منبهة، لكن لا يستعملها والبليد ليس له ملكة أصلًا، الخرشي ج٧ ص١٧٩، حاشية الدسوقي ج٤ ص١٦٨، فتح القدير ج٧ ص٤١٥، المهذب ج٢ ص٣٢٤، مغني المحتاج ج٤ ص٤٢٧ المغني ج٩ ص١٦٧-١٨٨. وقد سبق أن ذكرت أن رجال القانون قد حكموا بأنه لا يؤثر في صحة الاستدلال بأقوال الشاهد أن يكون به ضعفًا عقليًا، ما دامت المحكمة اطمأنت إلى صحة أقواله.
يراجع أ. د: رءوف عبيد مبادئ الإجراءات الجنائية ص٥٩٩.

<<  <   >  >>