للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحد، إن شهادة النساء أو الرجال على بقاء بكارتها صحيحة، ولكنها لا تسقط الحد؛ لأنها بكارة قد عادت، وهذا لا يتعارض مع إثبات زناها بشهادة الرجال ابتداء١.

كما ذهب فقهاء المالكية إلى إلزام من ثبت عليه حد السرقة بعقوبة القطع، حتى ولو قال: إن صاحب المال هو الذي أرسله، وجاء صاحب المال، وصدقه في مقالته هذه ورد شهادة الشهود، وكذبهم.

ما لم تكن مع السارق بينة على صدق مقالته، حتى ولو كانت هذه البينة هي القرينة المصاحبة لفعله بأن دخل من مداخل الناس، وخرج من مخاربهم، في وقت يشبه أن صاحب المال أرسل فيه، ذكر ذلك الخرشي في حديثه عن السرقة التي يلزم بها القطع، فقال: "وكذا يقطع السارق إذا أخذ في الليل المتاع المسروق، وقال: رب المتاع أرسلني لأخذه، فلا يصدق، ولو صدقه رب المتاع أنه أرسله".

وهذا مشروط بعدم وجود دليل غير كلام صاحب المال، أما إذا وجد دليل يقوي مقالته سقط الحد عن السارق٢، وما ذكره فقهاء المالكية هنا، وفي عدم إسقاط حد الزنا بشهادة النساء بالبكارة يحتاج إلى مناقشة.

أما بالنسبة لعدم إسقاطهم الحد بوجود البكارة، واعتمادهم في ذلك على جواز أنها عادت بعد واقعة الزنا، فهو مردود؛ لأنه وإن أمكن عودة البكارة، فليس هناك دليل على ذهابها أصلًا سوى شهادة شهود الزنا، وهي شهادة احتملت الشبهة بوجود البكارة فعلًا.

وليس عندنا ما يؤكد أن البكارة الموجودة هي بكارة، قد عادت بعد أن فضت.


١ حاشية الدسوقي ج٢ ص٣١٩.
٢ الخرشي ج٨ ص٩٦، حاشية الدسوقي ص٣٣٦.

<<  <   >  >>