للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دارئه"١، وأجاب فقهاء الأحناف على ما وجه إليهم، من أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يبدأ برجم ماعز -أجابوا" بأن التقصير من الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أمر القضاء ومسائله، أمر غير وارد ومنتف تمامًا، وعليه فإن عدم بدئه -صلى الله عليه وسلم- برجم ماعز، لم يقم به شبهة، ولم يترتب عليه درء الحد٢.

وذهب فقهاء الشافعية، والحنابلة إلى أن بدء القاضي بالرجم في الحد الذي ثبت بإقرار الجاني سنة، وليس بشرط.

وعليه، فإذا لم يبدأ القاضي بالرجم فيه، فلا يورث ذلك شبهة، ويجب استيفاء الحد، ويقوم به غير القاضي من الناس، فيقول الشربيني الخطيب عند حديثه عن الحد الواجب بالإقرار: "والسنة أن يبدأ الإمام بالرجم، ثم الناس، إذا ثبت بالإقرار"٣، ويقول ابن قدامة: "والسنة أن يدور الناس حول المرجوم، فإن كان الزنا ثبت ببينة، فالسنة أن يبدأ بالرجم، وإن كان ثبت بإقرار، بدأ به الإمام أو الحاكم، إن كان ثبت عنده، ثم يرجم أناس بعده"٤.

أما فقهاء المالكية، فإنهم لم يشترطوا قيام الإمام، أو القاضي بالبدء برجم المقر المقر بالزنا، لا على سبيل الوجوب، ولا من قبيل السنة، فقد أورد فقهاء المالكية أنه لم يعرف الإمام مالك -رضي الله تعالى عنه- بدء البينة


١ فتح القدير ج٥ ص٢٢٦-٢٢٨، البحر الرائق ج٥ ص٩، المبسوط ج٩ ص٥٠-٥١.
٢ فتح القدير ج٥ ص٢٢٨، البحر الرائق ج٥ ص٩-١٠.
٣ مغني المحتاج ج٢ ص١٥٢.
٤ المغني ج٨ ص١٥٩.

<<  <   >  >>