للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما ذهب إليه بأدلة منها ما أورده في قوله: قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ، فوجب بنص القرآن أن كل من سرق فالقطع عليه، وبالضرورة الحسية، وباللغة يدري كل آخذ أن من سرق من حرز، أو من غير حرز، فإنه سارق -فقطع يده واجب بنص القرآن، ولا يحل أن يخص القرآن بالظن الكاذب، فإن من قال: إن الله تعالى أراد في هذه الآية من سرق من حرز، فإنه مخبر عن الله تعالى، بما لم يخبر به عن نفسه، ولا أخبر به عن نبيه -صلى الله عليه وسلم".

كما استدل ابن حزم أيضًا بما جاءت به السنة النبوية، مما يفيد العموم من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس إنما ضل من كان قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد".

ومن قوله -صلى الله عليه وسلم: "لعن الله السارق يسرق البيضة، فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده ثم علق بن حزم على هذين الحديثين بقوله: "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقطع يد السارق جملة، ولم يخص عليه السلام حرزًا من غير حرزه إلى أن يقول: واو "أن الله عز وجل أراد أن لا يقطع يد السارق حتى يسرق من حرزه، ويخرجه من الدار، لما أغفل ذلك".

ولا أهمله، ولا أعنتنا بأن يكلفنا علم شريعة لم يطلعنا عليه، وليبينه على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم"١.

واستدل أصحاب هذا الاتجاه أيضًا بما روي من أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد قطع يد السارق الذي سرق ثوبًا من المسجد٢، إذ المسجد لا يعتبر


١ المحلى ج١٣ ص٣٤٠-٣٥٣.
٢ روي أن صفوان بن أمية، قال: "كنت نائمًا في المسجد في خميصة لي فسرقت، فأخذنا السارق، فرفعناه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمر بقطعه، فقلت: يا رسول الله أفي خميصة ثمن ثلاثين درهمًا؟ أنا أهبها له. قال: فهلا كان قبل أن تأتيني؟ روي عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع يد سارق سرق برنسا من صفة النساء، ثمنه ثلاثة دراهم"، نيل الأوطار ج٧ ص١٤٥-١٤٦، وما بعدهما.

<<  <   >  >>