للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن ما جاء من أدلة تفيد العموم قد خصصت بدليل أنه لا قطع على الصبي، أو المجنون، ولا على من سرق شيئًا غير متمول١.

وعلى هذا فإن الدليل العام قد دخله التخصيص، وما جاز تحصيصه خصص بالدليل الظني٢، ومع هذا فإن تخصيص العموم


١ يقول ابن الهمام: "وقد ثبت أن لا قطع في أقل من ثمن المجن، ولا في حريسة الجبل، فتخصصت الآية به، فجاز تخصيصها بعدها بما هو من الأمور الإجماعية، وبأخبار الآحاد، فتح القدير ج٥ ص٣٨.
٢ اللفظ العام يشمل جميع أفراده على سبيل الاستغراق، لكن قد يرد ما يدل على إخراج بعض ما يشمله اللفظ العام، وقصره على بعض أفراده، ودليل التخصيص قد يكون الفعل أو العرف، أو نصًا مخصصًا، ويتفق الأصوليون على التخصيص بالعقل والعرف، فخطاب الله تعالى بالتكليف في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} ، وقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} ، وقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، "جاء الخطاب بلفظ عام لكن العقل يخرج الصبيان والمجانين.
كما اتفق الأصوليون على أن العام إذا خصص بدليل قطعي، فإنه يجوز تخصيصه بعد ذلك بأي دليل ولو ظني؛ لأن العام بعد تخصيصه أصبحت دلالته على العموم ظنية حتى عند الحنفية.
من ذلك قول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} ، فلفظ البيع عام وقد خصص بنص قطعي، وهو "حرم الربا"، فأصبحت دلالته بعد ذلك على باقي أفراده ظنية: ولذا جاز تخصيصه بأخبار الآحاد، كما جاز تخصيصه بالقياس" يراجع أصول الفقه الإسلامي -أستاذي الدكتور سلام مدكور ص٢٢٦-٢٣٥ الأستاذ الدكتور زكريا البزي ص٢١٣-٢١٨.

<<  <   >  >>