للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المال وهو شغل قلبه بمراقبته، فإنه متعب للنفس فيربطه ليريح نفسه من ذلك، فإنما اعتمد الربط، والمقصود هو المعتبر في هذا الباب١، والذي أرجحه هو وجوب القطع على النشال، سواء أشق جيبًا أو قميصًا، أم لم يشق، وسواء أخذ المال من الجيب، أم أخذه من حقيبة يحملها المسروق منه في يده، ما دام قد غافله النشال، وأخذ منه ما أخذه من مال، أو غيره مما يتقوم بالمال على سبيل الخفية والمغافلة؛ لأنه إن أخذه بغير ذلك فله حكم آخر، يأتي في الحديث عن جريمة السرقة الكبرى، كما أن ما وقع لصفوان بن أمية٢، وحكم فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوجوب القطع، يدل صراحة على وجوب قطع النشال، سواء كان المسروق منه نائمًا، أم متيقظًا فسارق خميصة صفوان قد سرقها، وصفوان نائم، ومع ذلك اعتبرها الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد سرقت من حرر لنومه عليه، فمن باب أولى من ينشل من المتيقظ المشغول بما حوله اعتمادًا على أن حاله في جيبه، أو حقيبته، وما إلى ذلك ما دام السارق قد أخذ ماله في الخفاء بعد أن غافله، والشبهة هنا قد نتجت من عدم وضوح دلالة كلمة السرقة على ما وقع من النشال من فعل، ولاختصاص النشال باسم غير اسم السارق، عند اللغوين٣، هذا بالإضافة إلى ما أورده الفقهاء، من مسألة اعتبار ما أخذ منه النشال حرزًا أم لا.


١ فتح القدير ج٥ ٣٩٠-٣٩١ المدونة الكبرى ج١٥ ص٢٨٠ المهذب ج٢ ص٢٧٩ المغني لابن قدامة ج٨ ص٢٥٦، أحكام القرآن للقرطبي ج٦ ص١٧٠.
٢ أبو وهب، صفوان بن أمية بن خلف بن وهب الجميحي، صاحبي من أشراف قريش أسلم بعد الفتح، وكان من المؤلفة قلوبهم، مات بمكة تهذيب التهذيب ج٤ ص٤٢٤.
٣ أصول الفقه الإسلامي الدكتور سلام مدكور ص٢٨٣ أصول.
الفقه الإسلامي للأستاذ الدكتور، زكريا البري ص٢٣٦، ويراجع أيضًا المرآة على المرقاة ص١٠٦ شرح المنار لابن مالك، وحاشية الرهاوي المصري ص٣٦١-٣٦٣، نقلًا عن أصول الفقه الإسلامي أ. د: سلام مدكور.

<<  <   >  >>