للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أطلق يدها على مال زوجها، تأخذ منه ما يكفيها وولدها، فهي مؤتمنه عليه كالمستودع ولا فرق.

ويرد ابن حزم على هذا بقوله: "أما قولهم أن لها في ماله الحقوق المذكورة، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أطلق يدها بالصورة الموضحة، فهذا ما لا ينكره أحد.

ولكن الذي لا يشك فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يطلق يدها على ما لا حق لها فيه من مال زوجها، ولا على أكثر من حقها، كما أن إباحة أخذها حقها، وما يكفيها ليس فيه دليل على إسقاط حدود الله تعالى على من أخذ الحرام غير المباح، وقاس ابن حزم ذلك بمن شرب عصيرًا حلالًا، ثم تعداه إلى شراب المسكر الحرام منه.

وقال، بوجوب الحد في الحالين، ولا فرق بين المسألتين عنده من حيث إلزام الفاعل فيما حد ما قام به من أفعال.

وسوى ابن حزم بين الزوجة، إذا أخذت من مال زوجها ما يزيد عن حقها، وبين الأجنبي، إذا كان له حق عند غيره، وتعمد أخذ ما ليس له بحق، حيث لزام الحد.

وبنى ذلك كله على ما ذكره من أن الله تعالى لم يخص إذ أمر بقطع السارق والسارقة، إلا أن تكون زوجة من مال زوجها، وإلا أن يكون زوجًا من مال زوجته، وما كان ربك نسيا١.

وما ذكره ابن حزم يحتاج إلى نظر، ومناقشة:

أولًا: لم يقل أحد أن في الحديث الشريف دليلًا على إباحة السرقة للزوجين من مال أيهما، وكل ما هنالك أنه نتيجة لوجود شبهة


١ المحلى ج١٣ ص٢٨٩- ٢٩١.

<<  <   >  >>