وعليه، فإنه لا وجهة التسوية بين الزوجين، والأجنبيين في إلزام كل منهما الحد إذا سرق أحد الزوجين من مال صاحبه، وسرق شخص من آخر غريب عنه.
ثالثًا: يرى ابن حزم أنه ليس في إباحة أخذ الزوجة حقها، وما يكفيها ما يسقط حدود الله بالنسبة لمن أخذ الحرام غير المباح، وهذا مما لا يختلف عليه أحد. لكنه يفهم من الحديث صراحة، إباحة أخذ الزوجة من مال الزوج ما يكفيها، دون تحديد نوع المال الذي تأخذ منه؛ لأن الحديث أطلق.
وابن حزم ممن لا يحمل النصوص أكثر مما يدل عليه ظاهرها.
وما دام ظاهر الحدجيث قد أباح الأخذ، وأطلق دون تحديد جهة أو نوع معين من مال الزوج، فلا شك أن ذلك يترتب عليه إسقاط حرز مال الزوج بالنسبة للزوجة.
وإسقاط الحرز يترتب عليه عدم إلزام العقوبة الحدية، لوجود شبهة تتصل بالركن الشرعي للجريمة، نظرًا؛ لأن جمهور الفقهاء يرى أن من أخذ مالًا حرامًا غير محرز لا يقطع بأخذه، وإنما يعاقب بعقوبة تعزيرية مناسبة، إذا رأى القاضي ذلك.
رابعًا: استدل ابن حزم على وجوب القطع على الزوجة، إذا سرقت من مال زوجها، مع أن لها فيه حقًا، بقياسه ذلك على ما يجب على من شرب عصيرًا حلالًا، ثم تعده إلى شرب المسكر منه.
ولا شك أن تسوية ابن حزم بين الحالتين تسوية غير منضبطة، وقياسه هذه بتلك قياس فاسد؛ لأن الزوجة التي أخذت من مال زوجها، قد أخذت مما لها في حق ثابت، أو على الأقل شبهة حق.