للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وزاد الإمام أبو حنيفة، ووافقه محمد القول باشتراط بقاء الخصومة، حتى يتم التنفيذ، ولا يكفي قيامها حتى القضاء فقط، وقد بين السرخسي ذلك بقوله: "وإذا حكم على السارق بالقطع ببينة، أو بإقرار ثم قال المسروق منه: هذا متاعه، أو قال: لم يسرقه مني إنما كنت أودعته.

أو قال: شهد شهودي بزور، أو قال: هو باطل بطل القطع عنه، لانقطاع خصومته، وقد بينا أن بقاء الخصومة إلى وقت استيفاء القطع شرط، وأن المعترض بعد القضاء قبل الاستيفاء في الحد، كالمنقرن بأصل السبب، وهذا بخلاف رد المال بعد القضاء"١.

وذهب الإمام مالك، وفي رأي سرجوح عند الإمام أحمد، والشيعة الجعفرية إلى أن قيام الخصومة، ليس شرطًا لقبول الشهادة في السرقة، والحكم بمقتضاها بالعقوبة المقدرة، وعلى هذا إذا حضر الشهود، وشهدوا بالواقعة سمعت شهادتهم، وألزم السارق بمقتضاها بعقوبة السرقة، حتى ولو لم يحضر المجني عليه، وسواء أكان المجني عليه حاضرًا بالبلدة، التي أقيمت الدعوة فيها على السارق حسبة، أم كان غائبًا عنها، أو كان المجني عليها مجهولًا٢.

بل وأكثر من ذلك لو كذب المسروق منه السارق، أن كان الإثبات بالإقرار، أو الشهود إن كان بالبينة، فإن فقهاء المالكية يرون إلزام السارق الحد، ويرتبون على تكذيب المجني عليه للبينة، أو الإقرار أن يصير المتاع السارق مع إلزامه الحد، فيقول الخرشي مبينًا ذلك في معرض حديثه عن السرقة الموجبة للقطع: "أو نصاب ملك غير، فإنه


١ المبسوط ج٩ ص١٨٦، ويراجع أيضًا بدائع الصنائع ج٧ ص٨١.
٢ المدونة ج١٥ ص٢٨٩، المغني ج٨ ص٢٧٠، مباني المنهاج ج١ ص٣١٣، ٣١٤.

<<  <   >  >>