للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب فقهاء الحنابلة إلى أنهم إن أخذوا ما يبلغ في جملته نصابًا قطعوا، سواء أبلغ نصيب كل منهم نصابًا أم لا، قياسًا على قولهم في وجوب الحد في السرقة الصغرى١.

وذهب فقهاء المالكية، والشيعة إلى عدم اشتراط النصاب مطلقًا لوجوب القطع، لإطلاق الأدلة، فيقول ابن العربي٢ -في رده على الإمام الشافعي، ومن وافقه ومقررًا ما ذهب إليه الإمام: "أنصف من نفسك أبا عبد الله، ووف شيخك حقه لله ... أن ربنا تبارك وتعالى قال: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فاقتضى هذا قطعه في حقه، وقال في المحاربة: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ، فاقتضى بذلك توفية الجزاء لهم على المحاربة عن حقه، فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- في السارق أن قطعه في نصاب، وهو ربع دينار، وبقيت المحاربة على عمومها، فإن أردت أن ترد المحاربة إليها كنت محلقًا الأعلى بالأدنى، وخافضا الأرفع إلى الأسفل، وذلك عكس القياس، وكيف يصح أن يقاس المحارب، وهو يطلب النفس أن رقي المال بهما على السارق، إذا دخل بالسلاح يطلب المال، فإن منع منه أو صيح عليه، فهو محارب يحكم عليه بحكم المحارب"٣.


١ المغني ج٨ ص٢٩٣-٢٩٤.
٢ ابن العربي، هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد، المعروف بابن العربي الأندلسي الشيباني، رحل إلى الشرق، ودخل الشتام وبغداد، والحجاز ثم مصر، ثم عاد إلى الأندلس، ولد بأشبيلية سنة ٤٦٨هـ، وتوفي سنة ٥٤٣هـ، بالعدرة ودفن بمدينة فاس، وفيات الأعيان ج١ ص٤٨٩.
٣ أحكام القرآن ج١ ص٢٤٩، ويراجع المدونة ج١٦ ص١٠٠، شرح الزرقاني ج٨ ص١٠٨، مباني تكملة المنهاج ج١ ص٣٢٠.

<<  <   >  >>