للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحنابلة، وقد جاء عن الشربيني الخطيب: "حيث يلحق غوث فلبسوا"، بقطاع بن منتبهون لإمكان الاستغاثه، وفقد الغوث يكون للعبد عن العمران، وعساكر السلطان، أو للقريب لكن لضعف في السلطان، واستحسن إطلاق الضعف لشمله ما لو دخل جماعة دارًا ليلًا، وشهروا السلاح، ومنعوا أهل الدار من الاستغاثة، فهم قطاع على الصحيح مع قوة السلطان، وحضوره وذو الشوكة قد يغلبون، والحالة هذه أي ضعف السلطان، أو بعده أو بعد أعوانه، وإن كانوا في بلد لم يخرجوا منها إلى طرفها، ولا إلى الصحراء فهم قطاع لوجود الشرط فيهم؛ ولأنهم إذا وجب عليهم هذا الحد في الصحراء، وهي موضع الخوف، فلأن يجب في البلد، وهي موضع الأمن أولى لعظم جراءتهم١.

وزاد المالكية على ذلك عدهم المتسلطين ممن يعينهم الحاكم للجباية، وجمع الضرائب من المحاربين، إذا لم يمكن الاستعانة عليهم أورد ظلمهم، فيقول فقهاء المالكية عند حديثهم عمن يتسملهم لفظ المحاربين، "فيشمل جبابرة أمراء مصر ونحوهم يسلبون أموال المسلمين، ويمنعونهم أرزاقهم، ويعيرون على بلادهم، ولا تتيسر استغاثة منهم بعلماء، ولا بغيرهم، فهم محاربون لا غصاب"، ويقول القرافي: إن من أحد وظيفة أحد لا جنحة فيه بتقرير سلطان، فهو محارب؛ لأنه يتعذر العوث منه ما دام معه تقرير السلطان"٢.

أما ابن حزم، فإنه قد وضع ضابطًا للمحارب بأنه كل من كابر لا حافة الطريقة، أو للإفساد في الأرض، سواء أكانت مكابرته هذه بسلاح، أو بلا سلاح ليلًا، أو نهارًا في صحراء، أم في مصر بل أكثر من ذلك قال بأن الحرابة تقع في المسجد، وفي قصر الخليفة نفسه٣، ولا يخفى أن


١ مغني المحتاج ج٤ ص١٨١، المغني ج٨ ص٢٨٧، ٢٨٨.
٢ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج٤ ص٣٤٨.
٣ المحلى ج٣ ص٣٢٠.

<<  <   >  >>