للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ذكرته هذه التعريفات من قيود، وشروط هو ما سأعرض له بالحديث؛ لأنه قد ينشأ عنها شبهات، نظرًا لاختلاف الفقهاء، بعضهم البعض في القول بذلك.

أما فقهاء القانون، فإنهم لم يشترطوا أن يكون القذف بالزنا، وإنما أطلقوه على كل ما يمس سمعة المقذوف، حتى ولو كان اختلاسه لمال في عهدته، وفرقوا بين القذف، والسبب، فجعلوا القذف قاصرًا على إسناد واقعة وقائع معينة للمقذوف في حقه، كان ينسب لموظف أنه اختلس مالًا في عهدته، أو أنه ارتشى في عملية، أو أن شخصا حملته أمه سفاحًا، أو أن طالبًا غش في الامتحان، أما السب فهو يخلو من إسناد واقعة معينة، ولكنه يتضمن خدشًا للشرف والاعتبار، كأن يقال لشخص: إنه لص.

ولا تستخلص التفرقة بين القذف، والسب من صيغة العبارة وحدها، وإنما من مجموع ما يحيط بها من ظروف، فقد تجري على الألسن بعض العبارات على أساس أنها من قبيل السب، ولكن هذه العبارات قد يريد بها الجاني أمر محددًا، وعندئذ تعد قذفًا، فمن يقل لآخر: إنه ابن حرام، فقد تؤخذ على أنها سب، وقد تعتبر قذفًا إذا ثبت أن الجاني كان يقصد أن أم المجني عليه حملتها سفاحًا١.

كما أن فقهاء القانون يرون أن جريمة القذف، لا تنتفي إذا كانت الوقائع المسندة للمقذوف صحيحة، وهذا يغاير ما عليه فقهاء الشريعة، الذين لا يرون حدا على من قذف شخصًا بوقائع صحيحة وثابتة.

والمقذوف في حقه عند فقهاء القانون، قد يكون شخصًا طبيعيًا،


١ يراجع شرح قانون العقوبات القسم الخاص أ. د: محمود مصطفى ص٣٤٤-٣٦٤، أ. د. أحمد الألفي ص٢٥٠ وما بعدها.

<<  <   >  >>