للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء عن الإمام أحمد في أحد رأييه، أن حد القذف يجب في التعريض، وقد روي ذلك عن عمر -رضي الله تعالى عنه، فقد حكم على من عرض بآخر بالجلد ثمانين١.

وقد أورد جانبا من ذلك ابن حزم، حين عرض أدلة من رأى ذلك، وذكر أن رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه: فقال أحدهما: ما أبي بزان، ولا أمي بزانية، فاستفتى في ذلك عمر بن الخطاب، فقال قائل: مدح أباه وأمه، وقال آخرون: قد كان لأبيه، وأمه مدح سوى هذا، نرى أن يجلد الحد، فجلده عمر ثمانين"٢.

وروي أن عمر -رضي الله تعالى عنه، قد قال في شأن هذا الرجل:

"قد عرض بصاحبه"، وكان عمر يجلد في التعريض٣.

كما ذكر ابن خزم أن رجلًا في إمارة عمر بن عبد العزيز -رضي الله تعالى عنه- قال لآخر: أنت تسري على جاراتك، فلما سئل القائل: عن قصده بذلك قال: والله ما أردت الانخلات كان يسرقهن، فحده عمر بن عبد العزيز٤.

ورأى القائلون بوجوب الحد بالتعريض، أن الحد إنما يجب في القذف لإزالة المعرة التي أوقعها القاذف بالمقذوف، وعليه فإذا حصلت المعرة بالتعريض، صار التعريض قذفًا كالصريح، ووجب به الحد.

فوجود المعرة سبب يوجب الحد المسبب عنه٥؛ ولأن الكناية مع


١ المغني ج٨ ص٢٢٢.
٢ المحلى ج١٣ ص٢٦٨.
٣ المغني ج٨ ص٢٢٢، المحلى ج١٣ ص٢٦٧.
٤ المحلى ج١٣ ص٢٦٨.
٥ القرطبي -الجامع لأحكام القرآن ج٥ ص٤٥٦٥.

<<  <   >  >>