للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر ابن قدامة أن الإمام أحمد، قد روي عنه أنه لا حد في التعريض بالقذف، ولا حد إلا على من صرح، فقال: "وكلام الخرقي يقتضي أن لا يجب الحد على القاذف، إلا بلفظ صريح لا يحتمل غير القذف، وهو أن يقول: يا زاني أو ينطق باللفظ الحقيقي في الجماع، فأما ما عداه من الألفاط، فيرجع فيه إلى تفسيره لما ذكرنا في هاتين المسألتين، فلو قال: يا مخنث أو لامرأة يا قحبة وفسره بما ليس بقذف مثل أن يريد بالمخنث أن فيه طباع التأنيث، والتشبه بالنساء، وبالقحبة أنها تستعد لذلك، فلا حد عليه، وكذلك إذا قال: يا فاجرة يا خبيثة.

وحكى أبو الخطاب في هذا رواية أخرى، أنه قذف صريح، ويجب به الحد، والصحيح الأول قال أحمد في رواية حنبل: لا أرى الحد إلا على من جرح بالقذف والشتيمة، قال ابن المنذر: الحد على من نصب الحد نصبًا؛ ولأنه قول غير الزنا، فلم يكن صريحًا في القذف كقوله: يا فاسق، وإن فسر شيئًا من ذلك بالزنا، فلا شك في كونه مقذفًا"١.

وذكر فقهاء الشافعية أنه لا حد في القذف بالكتابة، إلا إذا نوى القائل القذف، وإثبات ذلك يحتاج إلى مراجعة القائل لبيان قصده ونيته.

أما التعريض، فقد جاء فيه رأيان عندهم، أحدهما أنه ليس بقذف؛ لأن الله علق الحد على الزنا، والثاني أنه يجب به الحد٢، وذكر


١ المغني ج٨ ص٢٢١، ٢٢٢.
٢ لما روى الأشعث بن قيس أن النبي -صلى الله عليه وسلم، قال: "لا أوتي برجل يقول: إن كنانة ليست من قريش إلا جلدته"، المهذب ج٢ ص٢٧٣، ٢٧٥.

<<  <   >  >>