للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عثمان، فجعل الرجل لا ينزع، فعلاه عمر بالدرة وقال: أعرض عن ذكر عثمان، وسأل عن أم الرجل، فإذا هي قد تزوجت أزواجًا، فدرأ عنه الحد١.

٤- فرق الله سبحانه وتعالى بين التعريض بالخطبه والتصريح بها، فأباح التعريض بها في العدة، وحرم التصريح -فكذلك في القذف.

فقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} ٢، فإذا ثبت من الشرع نفي اتحاد حكمهما في غير الحد، لم يجز أن يعتبر التعريض كالتصريح، على وجه يوجب الحد المحتاط في درئه٣.

وما ذهب إليه جمهور الفقهاء، هو ما أرجحه وأميل إليه لقوة ما استدلوا به، وموافقته لما أقره القرآن الكريم من التفريق بين حكم كل من التصريح، والتعريض، وما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم، ومقالته لمن جاء ينفي ابنه، وعدم إلزامه عقوبة بذلك يدرأ كل ما استدل به فقهاء المالكية، ولجواز حمله على أن ذلك اجتهاد، من عمر -رضي الله تعالى عنه- بدليل استشارته أصحابه، وهو مع ذلك: لا يقوى على معارضه ما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حديث صحيح، معغ أن القرائن الصارفة التعريض إلى حد التصريح قائمة، وواضحة في حديث ومقالته.

كما أن الخلاف ها هنا قد اعتمد على أدلة قوية فإن لم ينف وجوب الحد فلا أقل من أن يورث شبهة تدرأ العقوبة المقدرة، وقد سبق الحديث عن شبهة الجهة، عند بيان ما يلحق الركن الشرعي من شبهات، وهي هنا بارزة واضحة وقوية.


١ المرجع السابق ص٢٦٩.
٢ من الآية ٢٣٥ من سورة البقرة.
٣ فتح القدير ج٥ ص٣١٧، المغني ج٨ ص٢٢٢- المحلى ج١٣ ص٣٧٢.

<<  <   >  >>