للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول الشربيني الشافعي: "لو شهد أربعة بالزنا، وردت شهادتهم بفسق ولو مقطوعًا به كالزنا، وشر ب الخمر لم يحدوا، وفارق ما مر في نقص العدد بأن نقص العدد متيقن، وفسقهم إنما يعرف بالن والاجتهاد، والحد يدرأ بالشبهة"١.

وذهب الإمام مالك -رضي الله تعالى عنه- إلى أن جريمة القذف تقوم في حق الشهود، الذين ترد شهادتهم لقيام حرج بهم؛ لأن شهادتهم لم تثبت بها جريمة الزنا الحدية، وعليه فهم قذفة يلزمهم حد القذف، فقد جاء في المدونة: "وقت أرأيت أن جرح واحد من الشهود، وقد شهدوا عليه بالزنا، وهم أربعة أيحد جميعهم حد الفرية في قول مالك"، قال: نعم في رأيي؛ لأن مالكًا قال: إذا كان أحدهم مسخوطًا جلد، وحد الثلاثة معه"٢، وذكر ابن قدامة أن الشهود على الزنا إذا كملوا أربعة غير مرضيين، أو واحد منهم كالعبيد والفساق، والعميان ففيهم ثلاث روايات، إحداهن عليهم الحد، وهو قول مالك: قال القاضي هذا الصحيح؛ لأنها شهادة لم تكمل فوجب الحد على الشهود، كما لو كانوا ثلاثة.

والثانية: لا حد عليهم، وهو قول الحسن والشعبي وأبي حنيفة ومحمد....

والثالثة أن كانوا عميانًا، أو بعضهم جلدوا، وإن كانوا عبيدًا أو فساقا، فلا حد عليهم، وهو قول النووي وإسحاق ... لجواز صدقهم٣.

وما ذهب إليه القائلون بعدم الحد عليهم، هو الراجح لتردد الأمر بين الصدق والكذب، ومثل ذلك يورث شبهة والحدود تدرأ بالشبهات.


١ مغني المحتاج ج٤ ص١٥٧.
٢ المدونة ج١٦ ص٥٩.
٣ المغني ج٨ ص٢٠٣.

<<  <   >  >>