للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه حتى تبلغ، وذكر بعضهم أن الرجل يقذف الجارية الصغيرة، فأجيب بأنه لا يجلد إلا أن تكون أدركت أو قاربت، والظاهر أن المراد بالإدراك هنا هو رؤية الحيض، وبالقرب من ذلك أكملها تسع سنين، فالنتيجة أن تكون بالغة"١.

وذكر فقهاء الحنابلة أن في اشتراط بلوغ المقذوف، وكونه عاقلًا رأيين، أولهما أن ذلك شرط؛ لأن ذلك من شروط التكليف: ولأن زناها لا يوجب حدًا، فلا يجب الحد بالقذف به.

والثاني: لا يشترط البلوغ والعقل، نظرًا لكونهما يعيران بهذا القول الممكن، فأشبها الكبير العاقل٢.

وذهب فقهاء المالكية إلى أن اشتراط البلوغ إنما هو في الذكر الفاعل، وأما المفعول فلا يشترط بلوغه ذكرًا كان أو أنثى، فمتى كان مطيقًا للزنا حد قاذفه٣.

وذهب ابن حزم إلى القول بوجوب الحد على قاذف الصغير، والمجنون؛ لأن الصغار محصونون بمنع الله تعالى لهم من الزنى، ويمنع أهليهم، وكذلك المجانين -وكذا المجبوب والرتقاء والقرناء، والعينين وإسقاط الحد عن قاذف هؤلاء خطأ محض لا إشكال فيه.

وذكر ابن حزم أن القذف لا يخلو من أحد أوجه ثلاثة، لا رابع لها إما أن يكون صادقًا، وقد صح صدقه، فلا خلاف في أنه لا حد عليه.


١ مباني تكملة المنهاج ج١ ص٢٥٥.
٢ المغني ج٨ ص٢١٦.
٣ المدونة ج١٦ ص٥٤-٥٥، حاشية العدوي مع الخرشي ج٧ ص٨٦، حاشية الدسوقي ج٤ ص٣٢٥.

<<  <   >  >>