للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكثر من ذلك اعتبر الكتابة مع النية كصريح لفظ إسلام، فقد روى ابن عمر قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا فجعلوه يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، حتى إذا أصبح أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، فقلت: والله لا أقتل أسيرى، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى قدمنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين"، رواه أحمد والبخاري، وهو دليل على أن الكناية مع النية، كصريح لفظ الإسلام"١.

قال الشوكاني عند شرحه لهذا الحديث: "قوله: صبأنا صبأنا"، أي دخلنا في دين الصابئة، وكان أهل الجاهلية يسمون من أسلم صابئا، وكأنهم قالوا: أسلمنا أسلمنا، والصابئ في الأصل الخارج من دين إلى دين ... وقد استدل المصنف بأحاديث الباب على أنه يصير الكافر مسلمًا بالتكلم بالشهادتين، ولو كان ذلك على طريق الكناية بدون تصريح٢.

وذهب فقهاء المالكية إلى القول بأنها لا يكفي للحكم بإسلام الكافر أن ينطق بالشهادتين، وإنما لا بد للحكم بذلك من أن يقف من نقط بالشهادتين على دعائم الإسلام، ويلتزم الأحكام التي جاء الإسلام بها، وعلى هذا من نطق بالشهادتين، ولم يلتزم بالأحكام الإسلامية، لا يعد مسلمصا فإذا رجع إلى ما كان عليه من كفر، لا يكون مرتدًا حيئنذ، ولا يلزم بعقوبة الردة، وإنما عليه الأدب فقط نظير تلاعبه.


١ نيل الأوطار ج٧ ص٢٢٢.
٢ المرجع السابق ص٢٢٣، ويراجع البحر الرائق ج٥ ص١٣٩ المغني ج٨ ص١٤٢، مباني تكملة المنهاج ج١ ص٢٣٣.

<<  <   >  >>