للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحكام الإسلام شبهة تشوب إسلامه، فلا يلزم بالعقوبة الحدية إذا رجع إلى ما كان عليه، وإنما عليه الأدب فقط، فهو كلام قد حمل في طيه قضيتين، أولاهما عدم الحكم بصحة إسلامه، والثانية درء العقوبة الحدية عنه.

أما بالنسبة للقضية الأولى، وهي أن إسلامه هذا غير صحيح، فهي مردودة بما استدل به جمهور الفقهاء من الأحاديث الصحيحة، وإن كانت الشبهة قد شابت إسلامه لعدم صدقه في نيته، إلا أنها شبهة لا يترتب عليها إسقاط العقوبة الحدية عن هذا المتلاعب، وإنما هي شبهة يلزم عنها إلزامه بالعقوبة الحدية وزيادة.

العقوبة الحدية نظير ردته، والزيادة عليها نظير تلاعبه، وتزويره بغية كسب ونفع.

وهذه هي الشبهة الوحيدة، التي أرى أن تخرج عن قاعدة درء الحد بها، إلى قاعدة أخرى هي إلزام الحد بها وزيادة، إلزاما لا يقبل الإسقاط أو التبديل؛ لأن هذا المتلاعب لم يجبر على الإسلام، وإنما جاء طائعًا، وما دام ينوي التلاعب والتحايل، فإنه يكون قد زاد على جناية الردة جناية أخرى، وهي الاستهزاء بالدين، واتخاذه ستارًا يحقق من وراء تلاعبه به أطماعه، وما يبغي ويشتهي ويتخلص من حقوق لزمته، ووجبت عليه، فهو بذلك قد ارتكب جناية تزوير، ثم بعد ذلك يمرق من الدين، وهو يتغامز عليه، وعلى من حققوا له مأربه آملين فيه النفع والهداية، أن من اتخذ من دين الله هزوا، ولعبًا لا يجوز أن يعتبر ذلك الهزو، واللعب مبررًا لإسقاط العقوبة الحدية عنهم، وإنما هؤلاء نشدد عليهم العقوبة بقدر استهزائهم، هؤلاء الذين تاجروا مع الشيطان، فيجب ألا تربح تجارتم، وصدق الله العظيم إذ يقول: {إِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ، اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا

<<  <   >  >>