فالخطأ في القصد يتمثل في أن يأتي الفاعل فعلًا لا يريد به إصابة المقتول، كأن يريد صيد طير وهدف، وما يجوز له فعله، فيئول الأمر إلى اتلاف إنسان حر مسلمًا كان أو كافرًا له عهد، فيكون الواجب بذلك دية على عاقلة الفاعل ويلزم هو بعتق رقبة مؤمنة، والأصل في وجوب الدية والكفارة قول الله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطًَا وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطًَا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ١.
ولا قصاص في شيء من هذا؛ لأن الله تعالى، أوجب الدية ولم يذكر قصاصًا؛ ولأنه لم يوجب قصاصا في عمد الخطأ، ففي الخطأ أولى.
والخطأ في الفعل يتمثل في أن يقصد الفاعل -وهو في أرض الحرب قتل من يظنه كفرًا، ويكون مسلمًا أسلم، وكتم إسلامه إلى أن يقدر على التخلص إلى أرض الإسلام، ولا خلاف في أن هذا خطأ لا يوجب قصاصًا؛ لأنه لم يقصد قتل مسلم، فأشبه ما لو ظنه صيدًا فبان أدمي، إلا أن هذا لا يجب فيه دية أيضًا ولا يجب إلا الكفارة، وهذا ما روي عن ابن عباس، وبه قال عطاء، ومجاهد وعكرمة وقتادة، والأوزاعي والثوري، وأبي ثور وأبي حنيفة، وعن الإمام أحمد رأيان أحدهما تجب به الدية، والكفارة وهو ما ذهب إليه الإمام مالك، والإمام الشافعي لقول الله تعالى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطًَا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} ؛ ولأنه قتل مسلما خطأ، فوجبت ديته كما لو كان في دار الإسلام.
وذهب ابن قدامة إلى القول بوجوب الدية فقط، لقوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ، ولم يذكر