للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أثيرت بعض أقول حاولت التشكيك في الالتزام بهذه القاعدة، فزعموا أن من النصوص التشريعية ما طبق على وقائع سابقة على نزوله، وضربوا لذلك مثالًا بما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ١.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ٢.

ذكر القرطبي أن آية اللعان نزلت بعد قول هلال بن أمية للنبي -صلى الله عليه وسلم: والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولينزلن الله من أمري ما يبرئ ظهري من الحد٣.

ولا يخفى أن في تطبيق ما نزلت به الآيات من أحكام -في شأن من قذف زوجته ومن ظاهر- تخفيفًا لما كان موجودًا قبل نزول الآيات من عقاب، وفي ذلك نفع للجاني ومصلحة له٤.


١ الآيتان ٦-٧ من سورة النور.
٢ الآيات ١-٣ من سورة المجادلة.
٣ فقد ذكر القرطبي أن آية اللعان نزلت بعد ما كان من مناقشة بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين هلال بن أمية الذي رمى زوجته بشريك بن سمحاء، أحكام القرآن ج٥ ص ٤٥٧٥.
٤ نقد كان حكم ذلك قبل نزول الآية الكريمة "إثبات ما قذفها به، وإلا لزمته عقوبة القذف"، وقد ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلب من هلال بن أمية البينة على ما قال، وإلا أقام عليه عقوبة القذف.
أما بالنسبة لإقامة البينة، فلم يستطع ذلك هلال، بدليل أنه قال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا رجلًا على امرأته يلتمس البينة، وبذا أصبح ابن أمية ملزمًا بالعقوبة، وتطبيق النص عليه يعفيه من غير شك، فهو إذا أنفع له تفسير القرطبي ج٥ ص٤٥٧٥. أما آية الظهار فقد كان فيها تخفيف التحريم المؤيد الذي كان مطبقًا قبل نزولها بالنسبة لكل من ظاهر من زوجته، وآية المجادلة جاءت بما فيه المصلحة تفسير القرطبي ج٧ ص٦٤٣٩ وما بعدها ج٨ ص٦٤٤٣.

<<  <   >  >>