وغير آخر الثلاثي افتح وضم ... واكسر وزد تسكين ثانيه تَعم
تقدم أن المجرد ثلاثي ورباعي وخماسي، فالثلاثي تقتضي القسمة العقلية أن تكون أبنيته اثني عشر بناء؛ لأن أوله يقبل الحركات الثلاث ولا يقبل السكون؛ إذ لا يمكن الابتداء بساكن، وثانيه يقبل الحركات الثلاث والسكون أيضا. والحاصل من ضرب ثلاثة في أربعة اثنا عشر.
وأما الآخر فلا عبرة به في وزن الكلمة، فإنه حرف الإعراب؛ فلذلك قال:"وغير آخر الثلاثي" فعزى إلى غير آخره، وهو أوله وثانيه الحركات الثلاث، بلا تقييد. فعلم أن ذلك يكون فيهما بتوافق وتخالف، فللتوافق ثلاثة أوزان، والمخالف ستة أوزان، ثم قال:"وزد تسكين ثانيه تعم" أي: وزد على تلك الأبنية التسعة ما سكن ثانيه تعم، وأوله مفتوح أو مكسور أو مضموم، يعم القسمة الممكنة في الثلاثي، وهي اثنا عشر بناء، منها عشرة مستعملة وواحد مهمل، وواحد نادر، وقد أشار إليهما بقوله:
أهمل من أبنية الثلاثي فِعُل -بكسر الفاء وضم العين- لاستثقالهم الانتقال من كسر إلى ضم، وأما قراءة بعضهم:"وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحِبُكِ"١ بكسر الحاء وضم الباء، فوجهت على تقدير صحتها بوجهين:
أحدهما: أن ذلك من تداخل اللغتين في جزأي الكلمة؛ لأنه يقال: حُبُك -بضم الحاء والباء- وحِبِك -بكسرهما- فركب القارئ منهما هذه القراءة، قال ابن جني: أراد أن يقرأ بكسر الحاء والباء، فبعد نطقه بالحاء مكسورة مال إلى القراءة المشهورة، فنطق بالباء مضمومة، قال في شرح الكافية: وهذا التوجيه لو اعترف به من عزيت هذه القراءة له لدل على عدم الضبط ورداءة التلاوة، ومن هذا شأنه لا يعتمد على ما سمع منه، لإمكان عروض ذلك له.