للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس: التزم المدغمون فتح المدغم فيه قبل هاء غائبة نحو: "رُدّها ولم يَرُدّها" والتزموا ضمة قبل هاء غائب نحو "رده ولم يرده" قالوا: لأن الهاء خفية، فلم يعتد بوجودها، فكأن الدال قد وليها الألف والواو نحو "ردا وردوا" وحكى الكوفيون "ردها" -بالضم والكسر، ورده -بالكسر والفتح- وذلك في المضموم الفاء، وذكر ثعلب الأوجه الثلاثة قبل هاء الغائب، وغلط في تجويزه الفتح، وأما الكسر فالصحيح أنه لغة، سمع الأخفش من ناس بني عقيل: مدة وعضة، والتزم أكثرهم بالكسر قبل ساكن فقالوا: "رد القوم" بالكسر؛ لأنها حركة التقاء الساكنين في الأصل، ومنهم من فتح وهم بنو أسد قال١:

فَغُضَّ الطَرفَ إِنَّكَ مِن نُمَيرٍ ... فَلا كَعباً بَلَغتَ وَلا كِلابا

وأما الضم فقال في التسهيل: ولا يضم قبل ساكن بل يكسر وقد يفتح انتهى.

وحكى ابن جني الضم أيضًا، وهو قليل.

فإن لم يتصل بالفعل هاء الغائبة أو هاء الغائب أو الساكن، ففيه ثلاث لغات: الفتح مطلقًا نحو رد وفر وعض، وهي لغة أسد وناس غيرهم، والكسر


١ قائله: هو جرير الشاعر الأموي من قصيدة يهجو فيها عبيد بن حصين المعروف بالراعي النميري -وهو من الوافر.
اللغة: "غض الطرف" أي: أغمضه وانظر إلى الأرض: والطرف: البصر "نمير" قبيلة -فرع من قيس عيلان، أبوهم نمير بن عامر، ومنهم الراعي النميري.
المعنى: طأطئ بصرك واعرف قدرك، وابتعد عن مباراة الكرام ومجاراتهم، فإن من قبيلة نمير التي لم ترق إلى مصاف القبائل العظيمة.
الإعراب: "غض" فعل أمر وفعله ضمير مستتر فيه "الطرف" مفعول به لغض "إنك" إن حرف توكيد ونصب وضمير المخاطب في محل نصب اسمها "من" حرف جر "نمير" مجرور بمن والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر إن "فلا" الفاء عاطفة لا: نافية "كعبًا" مفعول به لبلغت مقدم عليه "بلغت" فعل ماضٍ وتاء المخاطب فاعله "ولا" الواو حرف عطف ولا زائدة لتأكيد النفي "كلابًا" معطوف على قوله "كعبًا" منصوب بالفتحة الظاهرة.
الشاهد: قوله: "غُضّ" حيث جاء بالإدغام، ويروى بضم الضاد وفتحها وكسرها فالضم على الإتباع لضم الغين -والفتح للتخفيف- والكسر على الأصل في التخلص من الساكنين.
مواضعه: ذكره الأشموني ٨٩٧/ ٣، وابن هشام ٣١٧/ ٤، والهمع ٢٢٧/ ٢، وسيبويه ١٦٠/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>