للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قصد المتعجب الإعلام بأن المتعجب منه ذو مزية إدراكها جلي، وسبب الاختصاص بها خفي، فاستحقت الجملة المعبر بها عن ذلك أن تفتتح بنكرة غير مختصة؛ ليحصل بذلك إبهام متلو بإفهام.

فإن قلت: كيف ساغ الابتداء بما, وهي نكرة لا مسوغ لها؟

قلت: سوغها قصد الإبهام، وقد ذكره في التسهيل من المسوِّغات١.

وقال الشارح: لأنها في تقدير التخصيص.

والمعنى: شيء عظيم أحسن زيدا, أي: جعله حسنا، فهو كقولهم: "شيء جاء بك وشر أهر ذا ناب"٢. انتهى، وفيه نظر.

وذهب الأخفش وطائفة من الكوفيين إلى أنها موصولة, والفعل صلتها والخبر محذوف لازم الحذف, تقديره: الذي أحسن زيدًا شيء عظيم.

ورد بأنه يستلزم مخالفة النظائر من وجهين:

أحدهما: تقدم الإفهام وتأخر الإبهام, والمعتاد فيما تضمن من الكلام إفهاما وإبهاما "أن"٣ يقدم الإبهام.

والثاني: التزم حذف الخبر دون شيء سد مسده، وذهب الفراء وابن درستويه إلى أنها استفهامية, ونقله في شرح التسهيل عن الكوفيين.

ورده بأن الاستفهام المشوب بالتعجب لا يليه إلا الأسماء نحو: {مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} ٤ وما المشار إليها مخصوصة بالأفعال، وبأنها لو كان فيها معنى الاستفهام لجاز أن يخلفها أي.


١ التسهيل ص١٣١.
٢ يقال: أهره, إذا حمله على الهرير، وهو مَثَل يضرب في ظهور أمارات الشر ومخايله.
٣ أ، جـ.
٤ من الآية ٨ من سورة الواقعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>