للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبأن قصد التعجب بما أفعله مجمع عليه والاستفهام زيادة لا دليل عليها, فلا يلتفت إليها.

قلت: وفي الأول نظر.

لأن مذهب الكوفيين أن أفعل اسم, وسيأتي.

وذهب الأخفش في أحد أقواله إلى أنها نكرة موصوفة، وأفعل صفتها والخبر محذوف.

وثاني أقواله: أنها موصولة، وقد تقدم.

وثالثها: كقول سيبويه.

ثم مثّل الصيغة الثانية بقوله: وأصدِقْ بِهِما.

وهو نظير: "أحسِنْ بزيد".

ومذهب جمهور البصريين أن أفعل في نحو: "أحسن بزيد" لفظه لفظ الأمر ومعناه الخبر، فمعنى "أحسن بزيد" أحسن زيد, أي: صار ذا حسن وهو مسند إلى المجرور بعده، والباء الزائدة مع الفاعل مثلها في نحو: {..... وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} ١.

وذهب الفراء ومن وافقه إلى أنه أمر باستدعاء التعجب من المخاطب مسندا إلى ضميره، واستحسنه الزمخشري وابن خروف، وذهب ابن كيسان إلى أن المخاطب ضمير الحسن كأنه قيل: يا حسن أحسن بزيد, أي: دم به؛ ولذلك كان الضمير مفردا على كل حال، قال ابن طلحة: وهو حسن، وعلى هذين القولين فالباء زائدة مع المفعول؛ لأن من جعل أفعل أمرا حقيقة فالهمزة عنده للتعدية.

وأجاز بعض المتأخرين أن تكون الباء للتعدية لا زائدة، والهمزة للصيرورة لا للتعدية، وهو أمر للسبب٢ أو للشخص على القولين.


١ من الآية ٢٨ من سورة الفتح.
٢ أي: للحدث الموجود في أفعل فهو سبب للتعجب, فقولنا: "أحسن بزيد" الحسن هو سبب التعجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>