وهو قياس ولم يسمع, فوجب اطّراحه.
فإن قلت: فهلا جعلوا أفعِل أمرا من أفعَل؟
قلت: المانع من ذلك كون الهمزة في أفعِل للصيرورة، وفي ما أفعل للنقل، هذا تفريع على مذهب الجمهور.
قلت: صرح المصنف في هذا البيت بفعلية صيغتي التعجب.
وأما ما أفعله ففيه خلاف؛ ذهب البصريون والكسائي إلى فعليته, وذهب الكوفيون إلى اسميته ولم يستثنه بعضهم، فلعل له قولين.
والصحيح أنه فعل؛ لبنائه على الفتح، ولنصبه المفعول به، وليس من الأسماء التي تنصبه، وللزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية نحو: "ما أفقرني إلى عفو الله" ذكر ذلك المصنف.
قلت: قد حكى الكوفيون عن العرب حذف هذه النون، ولم يجعلوها لازمة، واستدلوا على الاسمية بعدم تصرفه، وبتصغيره، وبصحة عينه.
وأجيب: بأن امتناع تصرفه؛ لأنه لزم طريقة واحدة، وبأن تصغيره وصحة عينه لشبهه بأفعل التفضيل.
وأما أفعل, فقال المصنف وغيره: لا خلاف في فعليته، وفي كلام ابن الأنباري ما يدل على اسميته، قال: وأحسن لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث لأنه اسم، انتهى.
فإن قلت: ما إعراب: "ما أحسن زيدًا" عند القائلين باسمية أفعل؟
قلت: نقل الفراء أن الأصل في "ما أظرف زيدا" ما أظرفُ زيد على الاستفهام, ثم نقلوا الصيغة من زيد وأسندوها إلى ضمير "ما", وانتصب زيد بالظرف فرقا بين الخبر والاستفهام، والفتحة في أفعل فتحة إعراب وهو خبر عن "ما", وإنما انتصب؛ لكونه خلاف المبتدأ الذي هو "ما", إذ هو في الحقيقة خبر عن زيد.