للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمجرد يلزم اقترانه بمن جارة للمفضول لفظا نحو: "زيد أفضل من عمرو", أو تقديرا نحو: {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} ١.

"وأما"٢ المضاف والمعرف بأل, "فيمتنع"٣ اقتران "من" بهما.

تنبيهان:

الأول: اختلف في معنى "من" المصاحبة لأفعل التفضيل.

فذهب المبرد ومن وافقه إلى أنها لابتداء الغاية، وذهب سيبويه إلى أنها لابتداء الغاية أيضا، وأشار إلى أنها مع ذلك تفيد معنى التبعيض.

فقال: "هو أفضل من زيد", فضله على بعض ولم يعم.

وذهب في شرح التسهيل إلى أنها لمعنى المجاوزة، فإن القائل: "زيد أفضل من عمرو" كأنه قال: جاوز زيدٌ عمرًا في الفضل.

قال: ولو كان الابتداء "مقصودا"٤, لجاز أن يقع بعدها "إلى".

قال: ويُبطل كونها للتبعيض أمران:

أحدهما: عدم صلاحية بعض موضعها.

والآخر: صلاحية كون المجرور بها عاما, نحو: "الله أعظم من كل عظيم".

وأقول: الظاهر كونها لابتداء الغاية، ولا تفيد معنى التبعيض، كقول المبرد. وما رد به المصنف من أن الابتداء لو كان مقصودا لجاز أن يقع بعدها قد رد به ابن ولاد٥ قبله، وليس بلازم؛ لأن الانتهاء قد يُترَك الإخبار به؛ لكونه لا يعلم، أو لكونه لا يُقصَد الإخبار به، ويكون ذلك أبلغ في التفضيل، إذ لا يقف السامع على محل الانتهاء.


١ الآية ١٧ من سورة الأعلى.
٢ ب.
٣ ب، جـ، وفي أ "يمتنع".
٤ أ، جـ.
٥ هو أبو العباس أحمد بن محمد, وهو نحوي مشهور، ثم صوّب نظره إلى بغداد فسمع من الزجاج وغيره مع معاصره أبي جعفر النحاس, إلا أن الزجاج كان يؤثره على النحاس. وله كتاب الانتصار لسيبويه وكتاب المقصور والممدود، وغير ذلك. توفي بمصر سنة ٣٣٢هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>