للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على حدته، وبهذا يخالف المركب المنزل منزلة الواحد، فإن وجه الشبه فيه الهيئة المنتزعة من عدة أمور وهو: إما حسي، وإما عقلي، وإما مختلف بعضه حسي وبعضه عقلي:

أ- فالواحد الحسي طرفاه لا يكونان إلى حسيين، فإن الوجه أمر منتزع من الطرفين موجود فيهما، وكل ما يؤخذ من العقلي وينتزع منه يجب أن يدرك بالعقل لا بالحس؛ لأن أوصاف العقلي يجب أن تكون عقلية، وذلك كتشبيه الخد بالورد بجامع الحمرة والغضاضة.

ب- والواحد العقلي طرفاه إما عقليان كما يشبه وجود ما لا ينتفع به بعدمه بجامع العراء عن الفائدة في قولهم: وجوده كالعدم، وإما حسيان كتشبيه الرجل بالأسد في الجرأة والإقدام والبطش، وإما المشبه عقلي والمشبه به حسي، كما يشبه العلم بالنور بجامع الهداية في كل، وإما بالعكس كما يشبه العطر بخلق الكريم بجامع ارتياح النفس وانتعاشها.

جـ- والمركب الحسي طرفاه إما مفردان كتشبيه الثريا بعنقود من الكرم لاشتراكهما في الهيئة الحادثة من تقارن الصور البيض المستديرة الصفار في رأي العين على كيفية مخصوصة ومقدار معين في قول كسناجم محمود بن الحسين:

وقد لاح في الصبح الثريا كما ترى ... كعنقود ملاحية حين نورا١

وإما مركبان كالهيئة الحاصلة من سقوط أجرام مشرقة مستطيلة متناسبة المقدار، متفرقة في جوانب شيء مظلم في قول بشار:

كأن مثار النقع فوق رءوسهم ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه

إما مختلفان كما مر من تشبيه الشقيق بأعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد، فالمشبه مفرد، والمشبه به مركب، وإما بالعكس كتشبيه النهار المشمس الذي شابه زهر الربا بليل مقمر.

ومن بديع المركب الحسي ما يجيء في الهيئات التي تقع عليها الحركة، وذلك على وجهين:


١ الملاحية بضم الميم وتشديد اللام، والأكثر تخفيفها عنب أبيض في حبه طول وحين نور، أي: تفتح نوره بفتح النون.

<<  <   >  >>