للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- أن تقترن هيئة الحركة بغيرها من أوصاف الجسم، كالشكل واللون، كقول جبار بن جزء بن أخي الشماخ:

والشمس كالمرآة في كف الأشل ... لما رأيتها بدت فوق الجبل

فوجه الشبه: الهيئة الحاصلة من الاستدارة مع الإشراق والحركة السريعة المتصلة مع الإشراق حتى يرى الشعاع كأنه يهم بأن ينسبط حتى يفيض من الوسط إلى جوانب الدائرة، ثم يبدو له أن يرجع من الانبساط الذي هم به إلى الانقباض كأنه يرجع من الجوانب إلى الوسط، فإن الإنسان إذا أحد النظر لينظر إلى الشمس، ولا سيما أول شروقها، ليتبين جرمها، وجدها تؤدي هذه الهيئة، وكذلك المرآة في كف الأشل.

٢- أن تجرد هيئة الحركة عن غيرها من الأوصاف، فهناك لا بد من اختلاط حركات كثيرة للجسم إلى جهات مختلفة، كان يتحرك بعضه إلى اليمين وبعضه إلى الشمال وبعضه إلى العلو وبعضه إلى السفل، فحركة الدولاب والرحا والسهم، لا تركيب فيها لاتحاد الحركة.

وحركة المصحف في قول ابن المعتز:

وكأن البرق مصحف قار ... فانطباقا مرة وانفتاحا

فيها تركيب؛ لأنه يتحرك في حالتي الانطباق والانفتاح إلى جهتين في كل حال إلى جهة، ومن لطيف ذلك قول الأعشى، يصف السفينة في البحر، وتقاذف الأمواج بها:

تقص السفين بجانبيه كما ... ينزو الرياح خلاله كرع١

شبه السفينة في انحدارها وارتفاعها بحركات الفصيل في نزوه، فإنه يكون له حينئذ حركات متفاوتة تصير لها أعضاؤه في جهات مختلفة, ويكون هناك تسفل وتصعيد على غير ترتيب، وبحيث تكاد تدخل إحدى الحركتين في الأخرى، فلا يتبينه الطرف مرتفعا حتى يراه متسفلا، وذلك أشبه شيء بحال السفينة وهيئة حركاتها حين تتدافعها الأمواج.


١ تقص تثب، والنزو الوثوب والرياح كرمان، ويخفف القرد أو الفصيل، والكرع ماء السماء، وخلا فعل ماض.

<<  <   >  >>