للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رجع". فدعاه فقال "أبو موسى": "كنا نؤمر بذلك". فقال عمر: "تأتيني على ذلك بالبينة". فانطلق "أبو موسى" إلى مجلس الأنصار فسألهم فشهد أبو سعيد الخدري، فقال عمر: "أخفي هذا علي من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ألهاني الصفق في الأسواق؟! " يعني: الخروج إلى التجارة١.

وكان في جملة ما احتج به المشركون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قولهم: " ... فإذا لم تفعل هذا لنا فخذ لنفسك, سل ربك ... فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك عما نراك تبتغي، فإنك تقوم بالأسواق كما نقوم، وتلتمس المعاش كما نلتمس ... إلخ"٢. وحكى الله عنهم قولهم هذا فقال:

{وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ} ٣ وقال في المرسلين: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ ... } ٤, فكنى بالمشي في الأسواق عن التجارة، ووُصف صلى الله عليه وسلم بأنه ليس بفظّ ولا غليظ ولا سخّاب في الأسواق٥. ولأن العرب لا تحتشد لشيء


١ صحيح البخاري, طبع ليدن, كتاب البيوع: ٨.
٢ سيرة ابن هشام ١/ ٢٦٩.
٣ سورة الفرقان: ٧.
٤ سورة الفرقان: ٢٠.
٥ البخاري, كتاب البيوع "٢٢". والسخاب: كثير اللغط والجلبة.

<<  <   >  >>