للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحجة بيوم التروية. وكانوا في الجاهلية لا يتبايعون في منى ولا في عرفة، يخصون هذين المكانين بالحج الخالص، لا يخلطونه ببيع ولا شراء؛ فلما جاء الإسلام فكأنهم تأثّموا أن يتجروا في المواسم, فأنزل الله تعالى قوله:

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} ١.

وزاد ابن عباس في قراءته: "في مواسم الحج" والفضل هو الرزق والكسب والاتجار، وكذلك كان يتلوها أبي تلاوة٢.

والغريب أن هذه الأسواق، كما يقصدها طالب الربح والشراء،


١ سورة البقرة: الآية ١٩٨.
٢ انظر البخاري, كتاب البيوع ٥ وكتاب الحج, ومعجم الطبراني الكبير, المجلد الثالث, وأخبار مكة للأزرقي ص١٣٠, وتفسير الخازن. نقل في هذا التفسير عن أبي أمامة التميمي قال:
كنت أكري في هذا الوجه، وكان الناس يقولون لي: "إنه ليس لك حج" فلقيت ابن عمر فقلت له: "إني رجل أكري في هذا الوجه, وإن أناسا يقولون لي: ليس لك حج" فقال ابن عمر: "أليس تحرم وتلبي وتطوف بالبيت, وتفيض من عرفات وترمي الجمار؟ " فقلت: "بلى" قال: "فإن لك حجا: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن مثل الذي سألتني عنه, فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى نزلت هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} الآية" فأرسل إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقرأها عليه وقال: "لك حج" ا. هـ.

<<  <   >  >>