الأول ... حتى إذا أُنشئ المربد استمر أمر عكاظ على التناقص، وأخذ مربد البصرة يحل مكانها ويتمم رسالتها في الأدب والشعر، بل زاد عليها بما استجدّ الإسلام وحالة العرب الاجتماعية المتحضرة، من صنوف في الأدب وألوان في المعاش والاجتماع.
وأصبح المربد مرتادا لعلوم الأدب والنحو واللغة والأخبار والنوادر و ... يأخذون عن أعرابه الذين لم تخالطهم لوثة العجمة، ما يجعلون منه مادة علمهم وينبوع ثقافتهم.
ولما رسخت قدم المسلمين في المدينة، وتمت لهم المدن الكبرى والعواصم العظيمة المتناهية في الحضارة، أفل نجم هذه الأسواق إذ لم يعد لها من داعٍ, وكانت لم تزل قائمة في الإسلام وعاشت ما يزيد على مائتي سنة. فعكاظ التي أنشئت قبل الهجرة بأكثر من سبعين عاما, أهملت سنة ١٢٩ للهجرة، وآخر ما انقرض من الأسواق سوق حباشة؛ تركت عام ١٩٧ للهجرة.
وقد آن لنا بعد هذه المقدمة أن نعرض لك معلومات عن أشهر الأسواق في الجاهلية والإسلام، متوسعين ما أمكننا التوسع في الكلام على عكاظ في الجاهلية وعلى المربد في الإسلام؛ إذ هما أعظم سوقين قامتا للعرب. في الأولى ترى أحوال الجاهلية من عامة نواحيها؛