ذلك في المحطات الصغرى التي تكون بين البلد والبلد, وكما نجد أيضا في كل مكان يسميه العرب روضة.
وإنما عُني العلماء بالأسواق الكبرى العامة ولم يأبهوا لتلك الأسواق الضئيلة, بل إنهم أهملوا أسواقا كبرى تكون في المدن؛ لأنها لا يرحل إليها إلا القليل منهم من صاحب حاجة, أو غرض خاص. فنجدهم أغفلوا مثلا ذكر "دارين" وهي فرضة بالبحرين, بها سوق يحمل المسك من الهند إليها. واشتهرت هذه شهرة فائقة بتجارة العطر حتى صار معنى الداري "نسبة إلى دارين" هو العطار نفسه، وحتى جاء في الحديث: $"مثل الجليس الصالح مثل الداري، إن لم يحذك "يعطك" من عطره علقك من ريحه" قالوا: "الداري: العطار". وقال الشاعر:
فلما اجتمعنا في العلالي بيننا ... ذكي أتى من أهل دارين تاجره
وهناك أمتعة اشتهرت بتجويدها قرى مخصوصة كردينة, وهي قرية على شط البحر في المشرق تنسب إليها الرماح, فيقال: الردينيات للرماح المصنوعة هناك, كما يقال للرماح المصنوعة في الخط بالبحرين:"الخطية".
فلا شك أن مثل هذه الأماكن المشهورة يقصدها تجار هذا الصنف أو الراغبون فيه، وتقوم له شبه أسواق دائمة إلا أنها غير عامة