للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعرف كيف يصوّب السهم ويُحكِم الضربة ويفوز بإضحاك الناس من خصمه الفرزدق: اللعبة.

٨- ضحية بين فحلين:

حاجى جرير ثمانين شاعرا، وكان عمر بن لجأ أحدهم، وكان جرير قد هجاه بقوله:

يا تيم تيم عدي لا أبا لكم ... لا يقذفنكم في سوءة عمر

أحين صرت سماما يا بني لجأ ... وخاطرت بي عن أحسابها مضر١ ...

فبينا جرير واقف بالمربد وقد ركبه الناس, وعمر بن لجأ مواقفه يتهيأ للرد عليه ببيتيه، هدأت الضجة فقال عمر هذين البيتين, وكان قد رفده بها الفرزدق:

لقد كذبت وشر القول أكذبه ... ما خاطرت بك عن أحسابها مضر

ألبست فروة خوّار على لؤم ... لا يسبق الحلبات اللؤم والخور

سمعهما جرير ففكر ثم فطن للأمر, فقال: "قبحا لك يابن لجأ، أهذا شعرك؟ كذبت والله ولؤمت، هذا شعر حنظلي، هذا شعر العزيز "يعني: الفرزدق"" فأبلس عمر وما رد جوابا.

وكان في الحلقة غنيم بن أبي الرقراق, فطار حتى أتى الفرزدق فضحك له وأخبره الخبر، فاستلقى الفرزدق يضحك حتى فحص الأرض برجليه، وقال في ساعته يريد عمر بن لجأ، هذا الذي دخل بين فحلين فسقط مطرّحا بين أقدامهما:


١ السمام: جمع سم. وخاطر: راهن. والحسب: مفاخر الآباء.

<<  <   >  >>