للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالفلج "موضع لبني جعدة بنجد" فأغار بسر على الحي السعديين, فقتل منهم وأسر, فقال أوس بن مغراء في ذلك:

مشرين ترعون النجيل وقد غدت ... بأوصال قتلاكم كلاب مزاحم١

فقال النابغة الجعدي يجيبه:

متى أكلت لحومكم كلابي ... أكلت يديك من جرب تهام

وهاج الشر بين الشاعرين؛ لما كان بين القبيلتين من ذحول وعداوة, ولم يكن أوس مثل النابغة ولا قريبا منه في الشعر. فقال النابغة: "إني وإياه لنبتدر بيتا, أينا سبق إليه غلب صاحبه". فلما بلغه قول أوس:

لعمرك ما تبلى سرابيل عامر ... من اللؤم ما دامت عليها جلودها

قال النابغة: "هذا البيت الذي كنا نبتدر إليه" فغُلِّب أوس عليه".

كان مفهوما أن يناضل كل شاعر عن حيه ويدفع عنه ما يلصقه خصمه به، فتأرّث الهجاء بين النابغة وأوس، واستطال أوس بنسبه إلى معد، ثم كانت الحكومة بين الشاعرين في المربد, سوق العرب في الإسلام. وهذه رواية الأغاني في القضاء بينهما:

اجتمع النابغة الجعدي وأوس بن مغراء في المربد، فتنافرا وتهاجيا، وحضرهما العجّاج والأخطل وكعب بن جعيل، فقال أوس:

لما رأت جعدة منا وردا ... وَلَّوْا نعاما في البلاد ربدا٢

إن لنا عليكم معدا ... كاهلها وركنها الأسدا

فقال العجاج:

كل امرئ يعدو بما استعدا


١ المشر: الباسط ثوبه في الشمس. والنجيل: جنس من الحمض.
٢ الورد: الجيش. والربد: جمع ربداء, وهي النعامة المختلطة السواد.

<<  <   >  >>