للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن بطَّال: في حديث البخاري جواز تحريق الكتب التي فيها اسم الله بالنار، وأن ذلك إكرام لها وصَوْن عن وطئها بالأقدام، وكرَّهه بعضهم.

وقال الحافظ ابن حجر: هذا الحكم هو الذي وقع في ذلك الوقت، وأما الآن فالغسل أولى لما دعت الحاجة إلى إزالته.

قال الأستاذ موسى لاشين بعد أن نقل كلام ابن بطَّال وابن حجر: "والذي تستريح إليه النفس أن الحكم يتبع القصد والنية، فما دام القصد صيانته من الامتهان, جاز التخلُّص منه بأية وسيلة، الحرق، والخرق، أو الحك، أو الغسل، أو الإلقاء في بحر، أو إرساله إلى مصانع الورق لتصنيعه من جديد، إلى غير ذلك من الوسائل، وكلُّ ما يلزم أن تكون الوسيلة كريمة، فلا يلقى في مزبلة، أو في مكان قضاء الحاجة مثلًا، أما إذا كان القصد الإهانة، فإن التخلُّص منه حرام, ولو بطريقة كريمة"١.

أقول: لا يجوز أن يُجْمَعَ الورق الذي فيه القرآن إلى مصانع الورق ليعاد تصنيعه من جديد, كما يقول الأستاذ موسى لاشين؛ لأنه حتمًا سيخلط بغيره من الأوراق البالية، وكثيرًا ما تكون فيها أوراق نجسة، وكثيرًا ما تسقط من أوراق القرآن على الأرض أثناء الحمل والنقل والتصنيع.

وإن بعض العلماء قد كَرَّه غسلها بالماء, حتى لا تنزل الغسالة على الأرض فتطؤها الأقدام, كما ذكر السيوطي في الإتقان٢.

والذي عليه الأكثر جواز التخلُّص من أوراق المصحف البالية, وما في حكمها من الأوراق التي فيها التفسير والحديث والفقه، بإحراقها أو بإلقائها في البحر، أو بمحوها بماء أو خل، ونحو ذلك مما يزيل أثر الكتابة تمامًا، مع إلقاء الغسالة في مكان طاهر لا تطؤه الأقدام, مثل الحياض التي أُعِدَّت للوضوء أو غسل الأواني، ونحو ذلك.


١ اللآلئ الحسان ص٦٠.
٢ راجع الإتقان ج١ ص١٩٠.

<<  <   >  >>