للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا استمرَّ الخطأ في القراءة, واشتبهت نفس الحروف لعدم نقطها على القارئين، وكادت كارثة التحريف تسيء إلى كتاب الله، فقَيَّضَ الله له عبد الملك بن مروان، فأمَرَ الحجَّاجَ أن يهتم بهذا الخطر، وأن يختار لعلاجه العالم النقي الورع الخبير بأصول اللغة ووجوه القراءات.

فاختار الحجاج لهذه المهمة نصر بن عاصم الليثي, حوالي سنة "٨٠" من الهجرة, فعمَّمَ شكل أبي الأسود على جميع حروف الكلمة؛ أولها ووسطها وآخرها، ولكنه ما زال الكلّ على هيئة النقط.

ولم يرق الحجَّاج هذا العمل؛ لأنه لم يقطع دابر الخطأ والاختلاف في القراءة، فعهد إلى لجنة مكونة من نصر بن عاصم الليثي, ويحيى بن يعمر العدواني, والحسن البصري, أن تقوم بعمل كبير يحيط كتاب الله بسياج من السلامة, وتحول بينه وبين التحريف، فنُقِطَت الحروف نقطة ونقطتين فوق الحرف أو تحته، وثلاث نقاط فوق بعض الحروف، ولئلَّا يختلط الشكل بالنقط عمدت إلى نقطة الفتحة، ونقطة الكسرة فسحبتها حتى صارتا كالهيئة المعهودة الآن، وعمدت إلى نقطة الضمة فجعلتها واوًا صغيرة، وإلى نقطتي السكون فأكملت بهما دائرة، وبهذا تمَّ النقط والشكل للمصحف، ثم عدوا حروفه وحددوا نصفه وثلثه وربعه وسبعه، ويروى أنهم قسَّموه إلى أعشار، والمشهور أن الأعشار من عمل المأمون" أ. هـ١.


١ اللآلئ الحسان ص٦٩، ٧٠.

<<  <   >  >>