للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآية الثانية تفيد أن الغنائم تُخَمَّسُ أخماسًا, ثم تصرف كما رسم الشارع.

وآية السيف وهي قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} ١ تقرر حكمًا خاصًّا يختلف عن أحكام الغنيمة والقتال، فلا تعارض بين الآيات الثلاثة حتى يُقال بالنَّسْخِ.

فالآية تقرر أنه إن ارتدَّت من المؤمنات امرأة، ففرت من زوجها المؤمن ولحقت بالكفار, فلم يردوا مهرها كما يفعل المؤمنون إذا فرَّت امرأة منهم بإيمانهم إلى ديار المسلمين، "فعاقبتم" أي: فغزوتموهم فوجدتم منهم غنيمة "فآتوا الذين ذهبت أزواجهم" منها "مثل ما أنفقوا" في مهورهن.

"قال قتادة: كنَّ إذا فررت من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الكفار, ليس بينهم وبين نبي الله عهد، فأصاب أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غنيمة، أعطي زوجها ما ساق إليها من جميع الغنيمة، ثم يقتسمون غنيمتهم". أ. هـ٢.

وهذا هو العدل في أسمى صوره، وأرقى معانيه.

٢٢- قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} .

قيل منسوخة بقوله سبحانه في آخر هذه السورة: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} ثم نُسِخَ الآخر بالصلوات الخمس، هذا ما قاله السيوطي.

وبيانه أن في أول سورة المزمِّل أوجب الله على نبيه قيام الليل كله إلّا قليلًا منه، بأن يقوم نصفه أو أقل منه أو أكثر، ثم خففَّ عنه القيام هو ومن كان يقوم بقيامه، ثم نُسِخَ هذا الوجوب بالصلوات الخمس.


١ التوبة: ٥.
٢ "محاسن التأويل" ج٨ ص٥٧٧٣.

<<  <   >  >>