للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن عجب أنه في تحويله الكلام من نمط إلى نمط, كثيرًا ما تجده سريعًا لا يجارى في سرعته، ثم هو على هذه السرعة الخارقة لا يمشي مكبًّا على وجهه، مضطربًا أو متعثرًا، بل هو محتفظ دائمًا بمكانته العليا من البلاغة "يمشي سويًا على صراط مستقيم".

... واعلم أن تصريف القول في القرآن على هذا النحو كان فنًّا من فنون إعجازه الأسلوبي كما ترى، وكان في الوقت نفسه مِنَّة يمنها الله على الناس، ليستفيدوا عن طريقها كثرة النظر في القرآن, والإقبال عليه قراءة وسماعًا وتدبُّرًا وعملًا، وأنه لا عذر معها لمن أهمل هذه النعمة وسفَّه نفسه.

اقرأ إن شئت قوله سبحانه في سورة الإسراء:

{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} ١.

وقوله سبحانه في سورة الكهف:

{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} ٢.

وقوله سبحانه في سورة الرعد:

{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَال} ٣ أ. هـ.٤.


١ آية: ٨٩.
٢ آية: ٥٤.
٣ آية: ١٧.
٤ بتصرف يسير من "مناهل العرفان" ج٢ ص٢١٨، ٢١٩.

<<  <   >  >>