للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومحبتهم لأهلِ بيتِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- محبةٌ شرعيَّة دونَ إفراطٍ أو تَفْريطٍ؛ فهم يَعْرِفُونَ لهم حَقَّهم، ويَحفظونَ وَصِيَّةَ رسولِ اللهِ فيهم، ولا يُغالونَ في مَحَبَّتِهِم؛ ولا يَرفعونهم فوق منزلتهم البشرية غلوًّا فيهم، وكذلك لا ينتقصونهم قدرهم جفاء لهم.

وما وقع بين الأصحاب الكرام من خلاف فيجب الإمساك عن الخوض فيه، والتماس العذر لهم؛ يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله: «موقف أهل السنة في الخلاف والفتن التي حصلت بين الصحابة -رضي الله عنه- م: موقفهم في ذلك: أن ما جرى بينهم فإنه باجتهاد من الطرفين، وليس عن سوء قصد، والمجتهد إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، وليس ما جرى بينهم صادر عن إرادة علو ولا فساد في الأرض؛ لأنَّ حال الصحابة -رضي الله عنه- م تأبى ذلك، فإنهم أوفر الناس عقولًا، وأقواهم إيمانًا أشدهم طلبًا للحق، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «خيرُ النَّاس قَرْني» (١). وعلى هذا فطريق السلامة: أن نسكت عن الخوض فيما جرى بينهم، ونَرُدَّ أمرهم إلى الله؛ لأن ذلك أسلم من وقوع عداوة أو حقد على أحدهم» (٢).

فأهل السنة والجماعة يتميزون بالوسطية والاعتدال بين الفرق الأخرى التي تقف على طرفي نقيض؛ فتتجه إحداهما لأقصى اليمين، وتنحدر الأخرى لأقصى اليسار، والحق بين هذا وذاك، وتلكم هي الوسطية والطريقة السوية.

ر


(١) أخرجه البخاري (٣٦٥١) ومسلم (٢٥٣٣) من حديث عبد الله بن مسعود ?.
(٢) «مذكرة على العقيدة الواسطية» لابن عثيمين (ص ٨٢)، مدار الوطن للنشر- الرياض، ١٤٢٦ هـ.

<<  <   >  >>