للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف رحمه الله:

«فإذا عَبَرُوا عليه وُقفوا على قَنْطَرة بين الجَنَّة والنَّار؛ فيُقتص

لبعضِهم مِنْ بَعْضٍ؛ فإذا هُذِّبُوا ونُقُّوا أُذِن لهم في دُخول الجَنَّة.

وأَوَّلُ مَنْ يَستفتحُ بابَ الجَنَّة مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم-، وأَوَّلُ مَنْ يدخلُها من الأمم أُمَّتُه».

الشرح

إذا مَضَى المؤمنون على الصِّراط، ونَجَوْا من السُّقوط في النار- وُقفوا على قَنْطَرة بين الجَنَّة والنَّار؛ للقصاص.

قال الإمام القرطبيُّ: «ولا يَخلص منه- أي: الصراط- إلا المؤمنون الذين عَلِم اللهُ منهم أنَّ القِصاص لا يَستنفد حسناتهم حُبِسوا على صِراط آخر لهم، ولا يَرجع إلى النار من هؤلاء أحدٌ إن شاء الله؛ لأنَّهم قد عَبروا الصِّراط الأول المَضروب على مَتْنِ جهنم الذي يَسقط فيها مَنْ أَوْبَقَه ذَنْبُه، وأَرْبَى على الحَسَنات بالقِصاص جُرْمُه» (١).

وقد دلَّ على القصاص بعد المرور على الصراط: حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا خَلص المؤمنون من النار حُبِسوا بقنطرةٍ بين الجنة النار؛ فَيَتَقَاصُّون مَظالم كانت بينهم في الدُّنيا حتى إذا نُقُّوا وهُذِّبُوا أُذن لهم بدخول الجَنَّة، فوالذي نفسُ محمَّدٍ بيدِه لَأَحَدُهم بِمَسْكَنِه في الجنة أَدَلُّ بمنزلِه كان في الدُّنيا» (٢).


(١) «التذكرة» (ص ٢٩٤).
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٤٠).

<<  <   >  >>