للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرش الذي خصه الله سبحانه وتعالى بالاستواء عليه.

ومعنى استوى: علا وارتفع.

لأن استوى إمَّا أن تَرِد مُطلقة وإمَّا أن ترد مقيدة، فإذا أطلقت مثل أن تقول: استوى الطعام، أو استوى النبات، والمعنى: كمل وتم.

وإذا قيدت فإمَّا أن تقيد بإلى أو تقيد بعلى أو تقيد بواو (مع)، فإذا قيدت بإلى فقد جاءت في القرآن- بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى- في موضعين؛ في قوله تعالى: {ثم استوى إلى الله فسواهن سبع سماوات}،. وقوله: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان}.

وإذا قيدت بإلى فقد قال العلماء في معانيها: إنها بمعنى (عمد وقصد وأقبل وعلا، وصعد)، وهي من لوازم علا.

أما إذا قيدت بعلى فليس لها في لغة العرب إلا معنى واحدًا، وهو علا وارتفع، وآيات الاستواء كلها قُيِّدت بعلى: وهي قوله: {الرحمن على العرش استوى}، وقوله: {ثم استوى على العرش}.

أمَّا إذا قيدت بواو (مع) فهي تعني المساواة مثل أن تقول: استوى الماء والخشب، أو استوى فلان وفلان في النتيجة، فمعناها المساواة.

والعرب لا تعرف من معاني (استوى): استولى.

فمن فَسَّر استوى بالاستيلاء فليس من لغة العرب في شيء.

ثم ما يتعلق بأمر العلو وأمر المعية فلا تعارض بينهما، والله سبحانه وتعالى قد جمع بين ذلك في قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: ٤].

<<  <   >  >>