وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه} - كذب النصارى على الله في أمر عيسى، وذلك أنهم قالوا: عيسى روح الله من ذات الله، كما يقال: إن هذه الخرقة من هذا الثوب.
وقلنا نحن: إنَّ عيسى بالكلمة كان وليس هو الكلمة. قال: وقول الله: {وروح منه} يقول: مِنْ أمره كان الروح فيه، كقوله:{وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} يقول: من أمره. وتفسير روح الله: أنها روح بكلمة الله خلقها الله، كما يقال: عبد الله وسماء الله، فقد ذكر الإمام أحمد أن زنادقة النصارى هم الذين يقولون: إن روح عيسى من ذات الله، وبَيَّن أن إضافة الرُّوح إليه إضافة مُلك وخَلق، كقولك: عبد الله وسماء الله؛ لا إضافة صفة إلى موصوف؛ فكيف بأرواح سائر الآدميين؟! (١).
فـ (من) في قوله تعالى: {وروح منه}: تبعيضية.
و (من) لها ستة استعمالات؛ فترد تبعيضية واستفهامية وبيانية وغير ذلك.
فالشاهد: أن من الآيات ما يدل على معنى واحد، ومنها ما قد يكون في السياق ما يُبين المراد والمقصود منها، وذلك بتخصيص معنى من المعاني، أما في أصل اللغة فقد يكون للفظ عدة استعمالات، والسياق هو الذي يحدد المراد.