للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ؛ فالناس على هذين الحالين؛ كما قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: ١٩]، فيجد في نفسه من السعادة والفرح بهذه الحال؛ لأنه قد آمن وصدق وعمل لهذا اليوم، فوجد ثمرة ذلك وثوابه عند الله سبحانه وتعالى، وأمَّا حال الآخر فقد قال الله عز وجل عنه: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: ٢٥ - ٢٩]، ثم يكون الجزاء: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة: ٣٠ - ٣٢].

فالله يجازي الناس بأعمالهم؛ فإمَّا آخِذٌ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وإمَّا آخِذٌ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ أَوْ مِنْ وَّراءِ ظَهْرِهِ، ثم يبدأ بعد ذلك الحساب.

فالمؤمن حسابه عرضٌ وتقرير وليس حساب نقاش؛ لأنَّ من نوقش الحساب بالعذاب؛ كما في حديث عائشة -رضي الله عنه- ا، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ حُوسب يوم القيامة عُذِّب»، فقلت: أليس قد قال الله عز وجل: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} [الانشقاق: ٨]؟ فقال: «ليس ذاك الحساب، إنَّما ذاك العَرْضُ؛ مَنْ نوقش الحساب يوم القيامة عُذِّب» (١).

فيُقرر اللهُ العبدَ المؤمنَ بما فعل في الدنيا، كما جاء في الحديث: «إنَّ الله يُدني المؤمن، فيضع عليه كَنَفَه ويَستره، فيقول: أتعرف ذنبَ كذا، أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى إذا قَرَّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتُها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيُعطى كتاب حسناته، وأمَّا الكافر والمنافقون، فيقول الأشهاد: {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا


(١) أخرجه البخاري (٦٥٣٦) ومسلم (٢٨٧٦).

<<  <   >  >>