للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِسك أذفر» (١).

وقال شيخُ الإسلامِ -رحمه الله-: «خَصَّ الله نَبيَّه -صلى الله عليه وسلم- أنَّه أعطاه الكوثر، وهو من الخير الكثير الذي آتاه اللهُ في الدُّنيا والآخرة؛ فمما أعطاه في الدُّنيا الهُدى والنَّصر والتأييد وقُرَّة العَين والنَّفس وشرح الصدر، ونَعَّم قلبَه بذكرِه وحُبِّه بحيث لا يُشبه نعيمُه نعيمَ الدُّنيا البتة، وأعطاه في الآخِرَة الوسيلةَ والمقامَ المحمودَ، وجعلَه أَوَّلَ مَنْ يُفتح له ولأمته باب الجنة، وأعطاه في الآخِرَة لواءَ الحمد والحوض العظيم في موقف القيامة، إلى غير ذلك» (٢).

وقد حكم جمعٌ من أهل العلم بتواتر السُّنَّة في ذلك، قال ابن أبي العِزِّ: «الأحاديث الواردة في ذِكر الحوض تَبلغُ حَدَّ التواتر؛ رَوَاها من الصَّحابة بضعٌ وثلاثون صحابياًّ، ولقد استقصى طرقَها شيخُنا عمادُ الدِّين ابنُ كثير- تَغَمَّدَه اللهُ برحمتِه في آخر «تاريخه الكبير» (٣).

والله عز وجل قد خَصَّ هذه الأمة بفضائل كثيرة، ومنها مُضاعة الأجر؛ فعن ابن عمر -رضي الله عنه- ما، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: «إنَّما أجلُكم في أجلِ مَنْ خلا من الأمم ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس، وإنَّما مَثَلُكم ومَثَل اليهود والنصارى، كرجل استعمل عُمَّالًا، فقال: مَنْ يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط، فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط، ثم قال: مَنْ يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط، فعملت النَّصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط، ثم قال: مَنْ يعمل


(١) أخرجه البخاري (٦٥٨١).
(٢) «مجموع الفتاوى» (١٦/ ٥٢٧ - ٥٢٨)، بتصرف يسير.
(٣) «شرح الطحاوية» (ص ٢٢٧).

<<  <   >  >>