للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيحدُّ لي حَدًا فأُدخلهم الجنةَ» (١).

وقوله: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}: دليل على إحاطة علمه بجميع الكائنات ماضيها وحاضرها ومستقبلها، كقوله- إخبارًا عن الملائكة-: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤].

وقوله: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}، أي: لا يطَّلِعُ أحد من علم الله على شيء إلا بما أعلمه الله -عز وجل- وأطلعه عليه، كقوله: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}.

{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}، ثم ذكر الأقوال الواردة في ذلك، وصَحَّحَ أنَّ الكرسي موضع القدمين، وأنَّه غير العرش، وأنَّ العرش أكبر منه، كما دَلَّت على ذلك الآثار والأخبار.

وقوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}، أي: لا يُثْقِلُهُ ولا يُكْرِثُهُ حفظُ السماوات والأرض ومَن فيهما، ومَن بينهما، بل ذلك سهلٌ عليه يسيرٌ لديه، وهو القائم على كل نفس بما كسبت، الرقيبُ على جميع الأشياء، فلا يَعْزُبُ عنه شيءٌ ولا يغيب عنه شيءٌ.

والأشياءُ كلُّها حقيرةٌ بين يديه، الذي لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، وهو القاهر لكل شيءٍ، الحسيب على كل شيءٍ، الرَّقيبُ العليُّ العظيمُ، لا إله غيرُه، ولا رَبَّ سِوَاهُ، فقوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} كقوله: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: ٩]، وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاح الأَجْوَدُ فيها طريقةُ السَّلَفِ الصالحِ: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ ولا تَشْبِيهٍ (٢).


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري في مواضع: (٤٤٧٦)، و (٤٧١٢)، و (٦٥٦٥)، و (٧٤١٠)، و (٧٤٤٠)، و (٧٥١٠)، وأخرجه مسلم (١٩٣) من حديث أنس بن مالك ?.
(٢) «تفسير ابن كثير» (١/ ٦٧٨ - ٦٨٢) بتصرف واختصار.

<<  <   >  >>