للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الشرط هو الذي يُميز باب الأسماء عن باب الصفات، بخلاف شرط ورود النص بهما؛ فإنه شرط مشترك بين الاثنين؛ فأسماء الله وصفاته لابد من ورود النَّصِّ بهما (١).

وهذا الشرط من دقيق فقه الأسماء الحسنى، فنحن إذ وقفنا وقفة تأمل عند نصوص الكتاب والسنة الواردة في هذا الشأن نجد الحقائق التالية:

أولًا: أنَّ الله أطلق على نفسه أسماء كـ (السميع) و (البصير)، وأوصافًا كـ (السمع) و (البصر)، وهكذا أخبر عن نفسه بأفعالها؛ فقال: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}، وقال تعالى: {واللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}؛ فاستعملها في تصاريفها المتنوعة، مما يدل على أنَّ مثل ذلك يجوز إطلاقه عليه في أيِّ صورةٍ وَرَدَ.

ثانيًا: وأطلق على نفسه أفعالًا كـ (الصُّنع) و (الصِّبغة) و (الفعل) ونحوها؛ قال تعالى: {صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْمن كُلَّ شَيْءٍ}، وقال تعالى: {صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً}، وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}، لكنه لم يَتَّسم ولم يَصف نفسه بها، ولكن أخبر بها عن نفسه، مما يدل على أنَّها تُخالف الأول في الحكم، فوجب الوقوفُ فيها على ما ورد.

ثالثًا: ووصف نفسَه بأفعال في سياقها المدح كـ (يريد) و (يشاء)؛


(١) باب الإخبار لا يُشترط فيه التوقيف، فما يدخل في الإخبار عنه- تعالى- أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته؛ كـ (الشيء والموجود والقائم بنفسه)، فإنه يُخبر به عنه، ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا، فالإخبار عنه قد يكون باسم حَسَن، أو باسم ليس بسيئ، أي: باسم لا يُنافي الحسن، ولا يجب أن يكون حسنًا، ولا يجوز أن يُخبر عن الله باسم سيئ. «بدائع الفوائد» (١/ ١٦١)، «مجموع الفتاوى» (٦/ ١٤٢، ١٤٣) بتصرف.

<<  <   >  >>