للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما صفات الكمال، فهي واجبة لله، فوجب أن يكون الله موصوفًا بصفات الكمال؛ لأنه منزه عن صفات النقص.

فإن قيل: هذا الحصر غير صواب؛ لأن الموجود قد يكون موصوفًا بصفات الكمال أو صفات النقص أو بصفةٍ لا نقص فيها ولا كمال.

قلنا: هذا القسم الأخير غير صحيح؛ لأنَّ الصفة التي لا كمال فيها ولا نقص هي في الحقيقة نقص؛ لأنها لغو وعبث، فالكمال: أن يكون الإنسان متصفًا بالصفات النافعة المفيدة، وما لا نفع فيه ولا ضرر، فهو داخل في صفات النقص؛ ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- حاثًّا على تكميل الإيمان: «مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت» (١)» (٢).

ولابن القيم رحمه الله كلام قريب من تقسيم الشيخ ابن عثيمين هنا للصفات؛ حيث قال: «الصفات ثلاثة أنواع: صفات كمال. وصفات نقص. وصفات لا تَقتضي كمالًا ولا نقصًا. وإن كانت القسمة التقديرية تقتضي قسمًا رابعًا، وهو ما يكون كمالًا ونقصًا باعتبارين، والرب تعالى منزه عن الأقسام الثلاثة وموصوف بالقسم الأول، وصفاته كلها صفات كمال محض؛ فهو موصوف من الصفات بأكملها، وله من الكمال أكمله» (٣).

والدليل الثاني من العقل أن نقول: نحن نشاهد في المخلوق صفات كمال، والذي أعطاه هذا الكمال هو الله تعالى؛ فمُعطي الكمال أَوْلَى بالكمال، ومِن كماله: أنه أعطى الكمال، فهذا- أيضًا- دليل عقلي على ثبوت صفات الكمال لله عز وجل؛ ولهذا استدل الله عز وجل على بطلان ألوهية الأصنام؛ لأنها ناقصة، فقال سبحانه وتعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري (٦٠١٨) ومسلم (٤٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) «شرح القواعد المثلى» للشيخ ابن عثيمين (ص ١٠٢، ١٠٣).
(٣) «بدائع الفوائد» (١/ ١٧٧)، مكتبة نزار مصطفى الباز - مكة المكرمة، الطبعة الأولى، ١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م.

<<  <   >  >>