للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على دراسة الكتاب والسُّنَّة؛ لأن هذا التوحيد يتطلب أسماء وصفات معينة، وهذه لا سبيل إلى معرفتها والحصول عليها إلا من طريق الكتاب والسنة؛ «فنحن نؤمن بالله تعالى وبما أخبر به عن نفسه سبحانه على ألسنة رسله من أسمائه الحسنى وصفاته العلى بلا تكييف ولا تمثيل، وننفي عنه ما نفاه عن نفسه مما لا يليق بجلاله وعظمته؛ فإنَّه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلاً وأبين دليلاً من غيره» (١)، ولذلك كان معتقد أهل السنة هو الإيمان بما سمى ووصف الله به نفسه إثباتًا ونفيًا؛ لأنه لا يُسَمِّي اللهَ أعلم بالله من الله، قال تعالى: {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّه}، وقال تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً}، وقال تعالى: {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}، وقال تعالى: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً}، فالله عز وجل هو الذي سَمَّى ووصف نفسه بما جاء في نصِّ كلامه الذي هو القرآن.

ولا يُسَمِّي ويَصف اللهَ بعد الله أعلمُ بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال الله في حقِّه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، ولقد جاءت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بإثبات الصفات إثباتًا مفصلاً على وجه ثلجت به الصدور واطمأنت به القلوب، واستقر الإيمان في نصابه، وفَصَّلت ذلك أعظم مِنْ تفصيل الأمر والنهي، وقَرَّرته أكمل تقرير في أبلغ لفظ، ولذلك كان لزامًا على كل مسلم أن يؤمن بأسماء الله وصفاته الواردة في الكتاب والسنة من غير زيادة ولا نقصان.

ثانيًا: تقديم الشرع على العقل، فالأصل في الدين الاتباع والمعقول تَبع؛ فمعتقد أهل السنة في هذا الباب وفي غيره من أبواب العقائد والأحكام: أنَّ العقل المجرد ليس له إثبات شيء من العقائد والأحكام، وإنما المرجع في ذلك إلى القرآن والسنة.

فالعقل لا يُمكنه إدراك ما يستحقه الله تعالى من الأسماء والصفات؛


(١) «معارج القبول» (١/ ٣٣٠، ٣٣١).

<<  <   >  >>