هِداية للخلق، ويبقى في أعظم الأمور وأشدها ضرورة مجهول المعنى بمنزلة الحروف الهجائية التي لا يُفهم منها شيء؛ لأن ذلك من السفه الذي تأباه حكمة الله تعالى، وقد قال الله تعالى عن كتابه:{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}.
هذه دلالة السَّمع والعقل على عِلمنا بمعاني نصوص الصفات.
وأمَّا دلالتهما على جَهلنا لها باعتبار الكيفية فقد سبقت في القاعدة السادسة من قواعد الصفات.
وبهذا عُلِم بطلان مذهب المُفَوِّضَة الذين يُفَوِّضون علم معاني نصوص الصِّفات، ويَدَّعون أنَّ هذا مذهب السَّلف. والسَّلف بريئون من هذا المذهب، وقد تواترت الأقوال عنهم بإثبات المعاني لهذه النصوص إجمالاً أحيانًا، وتفصيلًا أحيانًا، وتفويضهم الكيفية إلى علم الله عز وجل.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه المعروف بـ «العقل والنقل»(ص ١١٦، ج ١) المطبوع على هامش «منهاج السنة»: «وأما التفويض فمن المعلوم أن الله أمرنا بتدبر القرآن، وحَضَّنا على عَقْلِه وفَهْمِه، فكيف يجوز مع ذلك أن يُراد منا الإعراض عن فهمه ومعرفته وعقله؟!»، إلى أن قال (ص ١١٨): «وحينئذ فيكون ما وَصَفَ الله به نفسه في القرآن، أو كثير مما وصف الله به نفسه لا يَعلم الأنبياءُ معناه، بل يقولون كلامًا لا يَعقلون معناه».
قال: «ومعلوم أنَّ هذا قدح في القرآن والأنبياء؛ إذ كان الله أنزل القرآن، وأخبر أنه جعله هُدى وبيانًا للناس، وأمر الرسول أن